العمل عن بعد منفساً للخريجين في ظل الأزمة الاقتصادية
إعداد: عبير لبد
مع
بروز شمس يومٌ جديدٌ يبدأ الشباب عبدالله الرقب الذي يقطن في مدينة خان يونس جنوب
قطاع غزة رحلته اليومية لمكان عمله، فيستقل الباص ويجلس مجاوراً للنافذة تستنشق
نسمات الهواء، ويستمتع بالنظر لبعض المناظر الخلابة في الطريق المؤدي لمدينة غزة
وسط القطاع حيث مكان عمله.
عبدالله شباب في مقتبل العمر يعمل مصمماً لدي شركة
بسنس لاين (Line Business) السعودية،
ولكنه يباشر عمله من مدينة غزة وليس بالرياض مقر الشركة التي يعمل لصالحها، وما يمارسه
عبدالله خلال عمله اليومي يُطلق عليه العمل عن بعد.
مكنني عملي كمصمم حر
“”Freelancer بعد تخرجي بالحصول على وظيفتي لدي الشركة السعودية”
يقول عبدالله بثقة، ويُتابع بنفس الثقة “من خلال تجربتي أشجع على العمل الحر freelancer”؛ معللاً
ذلك باكتساب الشخص خبرة واسعة لمختلف الأسواق والأذواق التي تختلف عن المحلي.
يعمل عبدالله في مجال تكنولوجيا المعلومات “Information Technology”،
حيث يقوم بإعداد تطبيقات ومواقع إلكترونية وجرافيكس وأنيماش
Animation للشركة التي يعمل لديها، ويقول مبتسماً بأن الشركة تدفع
له راتباً مجزياً شهرياً، إضافة إلى تقديم المشروبات وبعض الخدمات اللوجستية.
أما أسماء محسن التي خاضت تجربة العمل عن بعد لمدة 5
سنوات، عبرت عن سعادتها في خوض تلك التجربة، قائلةً مبتسمةً “إنه عمل ممتع، وأضفى
لي الكثير على شخصيتي وخبرتي في العمل”.
أسماء ذات روح مرحة وابتسامتها لا تفارقها عملت
كصحفية متخصصة في مجال الأسرى لأكثر من مؤسسة، فقد عملت صحفية لشبكة اليوفري
ببريطانيا، ومديرة تحرير لموقع أسرانا الفلسطيني التابع لمنظمة أصدقاء الإنسان
الدولية بالنمسا، ومركز أحرار بمدينة نابلس بالضفة الغربية.
أحمد محمد خريج لغة عربية، يعمل مؤلف محتوي لموقع
موضوع، الذي يُعني بإثراء المحتوي العربي على الإنترنت، يقول أحمد “أخصص ساعات
معينة من يومي لكتابة مقال يفوق عدد كلماته الألف” موضحاً حرص الموقع على الكتابة
السليمة باللغة العربية الفصحى للمقال، ويبتسم قائلاً “يتم خضم الأخطاء من التكلف
المالية للمقال”.
النزاهة والشفافية والكفاءة هي رأس مال الشركة، هذا
ما أكد المدير التنفيذي لشركة اعمل بلا حدود، وتطرق لآلية التوظيف في الشركة،
مفصلاً “يتم إنزال إعلان عبر صفحة الشركة، واستقبال الطلبات، وبعد فرزها حسب
مطابقتها للوظيفة المطلوبة، تعقد مقابلات في مقر الشركة عبر الفيديو كونفرنس بين
الشركة صاحبة العمل والشخص المقدم للوظيفة”، وأشار إلى أنه يتم توقيع عقد عمل
للموظف كضمان للحقوق المنصوصة في قانون العمل الفلسطيني.
ففي ظل
التطورات التكنولوجية والاتصالات ظهر مفهوماً جديداً للعمل، وهو العمل عن بعد
ويقصد به عمل حر غير مقيد، أو العمل من المنزل، أو العمل من خلال الاتصال
التكنولوجي، حيث يعتبر الانترنت وسيلة الربط والتواصل بين الموظف الذي يكون في
دولة وبين الشركة التي تكون في دولة مغايرة له.
ويكون
التواصل بين الموظف ومديره عبر اجتماعات تعقد بالفيديو كونفرس video-converses، أو عبر
الاتصال عبر السكايب Skype،
خلالها يتم مناقشة مجريات العمل والمهام المطلوبة، هذا ما أكده كلٌ من عبدالله
وأسماء، وتستذكر أسماء لحظات غياب مديرها لانشغاله بالسفر وتوليها مسئولية الموقع
وتقول “لقد اضطرتُ لإدارة الموقع بالكامل بمفردي خلال سفر المدير، وكانت مسئولية
كبيرة”.
يعمل
أحمد من بيته بمدينة غزة، ويتم التواصل معه عبر البريد الإلكتروني الخاص به، حيث
يتم إرسال عناوين المقالات المطلوبة الكتابة عنها، وعليه أن يختار عدداً منها،
وإرسالها خلال فترة زمنية لا تتعدى الأسبوع الواحد.
في
بداية عمله كان يشعر بالضغط وضيق الوقت، ولكن سرعان ما تعودَ على نظام العمل وبدأ
بالتأقلم معه، يقول أحمد، ويضيف أنه كل شيء في البداية يكون صعب خاصة في العمل عن
بعد وفقدان التواصل الشخصي والمباشر مع المدير.
وفي
السنوات الأخيرة، يعيش شباب قطاع غزة ظروف وأوضاع اقتصادية تزداد سوءاً، من حصار
خانق، وارتفاع معدلات البطالة، وتدنى مستوى الدخل، وانقطاع رواتب بعض الموظفين
وغيرها من الأسباب التي جعلت الشاب الغزي يفكر بالتوجه للعمل عن بعد، لإيجاد فرصة
عمل أو زيادة دخله، علما بأن العمل عن بعد هي ظاهرة منتشرة في العالم بأجمعه.
تلقي
فكرة العمل عن بعد رواجاً وإقبالاً متزايداً بين الشباب الغزي وأيضا المؤسسات،
يؤكد م. علاء الشرفا المدير التنفيذي لشركة “اعمل بلا حدود”، موضحاً أن الظروف الصعبة
التي يمر بها الشباب والمحدودية في الوظائف هي من دفعته للعمل عن بعد، إضافة لضخ
الشركات في الخارج خاصة الأسواق الخليجية منها السعودية كم هائل لوظائف التي يمكن
إنجازها عن بعد.
جاءت
فكرة شركة اعمل بلا حدود كمبادرة لمجموعة من الأكاديميين والمتخصصين، الذين شعروا
بمعاناة الشباب، وعملوا لتوفير وظائف وعمل عن بعد للخريجين، وتهدف لتعريف العالم
بالإمكانيات البشرية والعقلية والكفاءة الموجودة في قطاع غزة.
وتحرص
الشركة على عقد ورش عمل وندوات لتعريف بفكرة وأهمية العمل عن بعد للطلبة والخريجين
بالتعاون مع النقابات والجامعات، وأيضا لتوجيه الخريجين للمجالات المستقبلية
المطلوبة في سوق العمل، هذا أوضح م. علاء الشرفا، وتابع أن أكثر التخصصات
والمجالات المطلوبة للعمل عن بعد، هي: البرمجة وتكنولوجيا المعلومات، الترجمة
والتصميم والجرافيكس، وحديثاً أصبح هناك كتاب أو محرر محتوى.
وتعمل
الشركة على توفير أجواء وبيئة العمل للموظفين عن بعد، من خلال توفير المكاتب
الخاصة ومستلزماته، ورغم ذلك تواجه الشركة بعض الصعوبات، ويذكر منها م. علاء
الشرفا ويقول:” شكلت أزمة الكهرباء والانترنت تحدياً لمواصلة العمل لدى الموظفين،
خاصة أن العمل عن بعد يعتمد بشكل أساسي على الكهرباء والانترنت”، ويوضح أنه تم
توفير أربعة بدائل للكهرباء الذي كلف الشركة مبالغ مالية كان من المخطط استثمارها
في تطوير العمل، ودعا المقبلين على العمل عن بعد إلى التخصص في المجال؛ لأنه يمنح
صاحبه التميز والإبداع والتعمق بالمجال، إضافة لتوجه العالم نحو تخصص التخصص.
تعليقات
إرسال تعليق