صحافة الذكاء الاصطناعي
عبير محمد لُبد
يشير الذكاء
الاصطناعي بشكل أكثر تحديداً إلى فرع من علوم الكمبيوتر ويركز على محاكاة الذكاء
البشري، ومؤخراً ارتبط بالتعلم الآلي وتدريب الآلة على التعلم من البيانات ومعالجة
اللغة والتعرف على الأنماط دون تدخل البشر.
ولم تكن الصحافة
بمعزل عن التطورات التكنولوجيا، وبرزت انعكاسات الذكاء الاصطناعي في الصحافة من
خلال رقمنة وسائل الإعلام والانتقال إلى التطبيقات والخوارزميات. ومثل الذكاء
الاصطناعي ثورة جديدة في الإعلام، مهدت إلى تغييرات في هيكلة وإعادة بناء المشهد
الإعلامي بشكل عام.
تأثرت الصحافة
بالتطورات التكنولوجيا وشهدت مراحل تطور وفقا لها، بدءاً من ثورة اختراع المطبعة
ومروراً بعصر الحاسوب والانترنت والنشر المكتبي وقواعد البيانات الصحفية، وعصر
الاتمتة وعصر الفضائيات على الانترنت وصحافة الاجهزة المحمولة وصحافة الفيديو،
وسائل التواصل الاجتماعي كجزء من الصحافة، انتهاء في الذكاء الاصطناعي وظهور صحافة
الذكاء الاصطناعي، التي أثارت العديد من التساؤلات حول تأثير تقنيات الذكاء
الاصطناعي على الصحافة، والتحديات التي تواجه الصحافة.
ماهية صحافة الذكاء الاصطناعي:
خلال السنوات الأخيرة
ظهر مصطلحات ذات علاقة صحافة الذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence وتختصر صحافة الذكاء الاصطناعي بـ AI
تمثل صحافة الذكاء الاصطناعي ثورة في الاعلام الجديد، وهي متوافقة مع
تقنيات الثورة الصناعية الرابعة. ويعتمد
مفهوم صحافة الذكاء الاصطناعي على كيفية استخدام تقنيات الثورة الصناعية الرابعة
في الإعلام وعملية دمجها وإعادة هيكلتها في وظائف إعلامية جديدة ومبتكرة، بجانب
توظيف تقنيات وإدوات الذكاء الاصطناعي؛ بهدف الوصول إلى أكبر عدد من الجماهير.
ولابد من الإشارة إلى بعض أنواع من الصحافة استفادت من الذكاء الاصطناعي،
منها: صحافة الروبوت Robo Journalism وتعتمد على الروبوت في القيام بعض المهام الإعلامية؛ كالتصوير واكتشاف مدى
صحة وصدق الأخبار والتدقيق والتنقيب عن البيانات، إدارة التعليقات على المحتوي
المنشور.
وكذلك صحافة الأتمتة Automated Journalism ويقصد بها العمليات الخوارزمية التي تحول
البيانات الى نصوص إخبارية سردية مع انعدام التدخل البشري صحافة الاتمتة، حيث يتم استخدام
الذكاء الاصطناعي في أتمتة بعض المهام الصحفية، وتتمثل في الكشف عن البيانات
واستخراجها والتحقق منها، وإنتاج القصص والرسومات والنشر مع الفرز والاختيار
وتحديد الأولويات ووضع علامات على المقالات تلقائيا.
وصحافة الدرون drone journalism
ويقصد بها استخدام الطائرات المسيرة من دون طيار لتصوير الأحداث، وتتمتع بقدرة على
تطوير روبوتات على التفاعل مه محيطها للتصوير وإرسال تقارير تصف واقع ما يحدث داخل
بؤرة الصراعات والحروب بحيادية ومهنية.
توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في الصحافة:
إن ما يميز صحافة الذكاء الاصطناعي الحرية وعدم التقييد بالقيود الجغرافية
والدقة والموضوعية، حيث ساهم الذكاء الاصطناعي في تطور العمل الصحفي، خاصة الأعمال
الصحفية الروتينية. تتجلي أهم تقنيات الذكاء الاصطناعي في البلوك تشين، وتحليل
البيانات الضخمة، والطباعة ثلاثية الأبعاد، والروبوتات، والحوسبة السحابية، التي
سهلت التحليلات والتنبؤات، بالإضافة إلى استخراج البيانات.
هناك العديد من المزايا للذكاء الاصطناعي في الصحافة، نذكر منها:
§
السرعة في تنفيذ المهام المعقدة ومعالجة كمية
كبيرة من البيانات، ودعم الروتين الصحفي من خلال التنبهات حول الأحداث وتوفير
مسودات النصوص لتستكمل بالمعلومات السياقية، وتوسيع التغطية الإعلامية الى مناطق
لم يتم تغطيتها، وبنفس الوقت تقوية روابط التواصل بين الوسيلة الإعلامية والجمهور.
§
توفر صحافة الذكاء الاصطناعي أدوات جديدة في معالجة
الصور والبيانات وصياغة المحتوي، وتحويل البيانات والأرقام الى نصوص، وأيضا تحويل
النصوص الى فيديوهات تلخص الحدث مع امكانية توفير ترجمة إلى أكثر من لغة.
§
إمكانية تحليل قواعد البيانات الكبيرة
واكتشاف اتجاهات والموضوعات الساخنة على الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، مما
تساعد في اختيار المواضيع والمقالات بناء على سلوكيات واهتمامات مستخدمي الانترنت
وتوزيع المحتوي
§
تسهيل العمل الصحفي من خلال مساعدة الصحفيين
في التركيز على ما يتقنون عمله وهو التحرير، توفير الكثير من الوقت للصحفيين عن
طريق نسخ المقابلات الصوتية والمرئية.
§
مساعدة الصحفيين في تحديد الأخبار الزائفة، وتعزيز
عمليات جمع ومعالجة الأخبار الصحفية وتقليل من الاخطاء المطبعية وجودة المعلومات.
§
وربما في المستقبل القريب سنشهد روبوتاً يقدم
نشرات الاخبار على شاشات التلفزيون.
تحديات صحافة الذكاء الاصطناعي:
يظهر تأثير صحافة الذكاء الاصطناعي بشكل ملموس في الترجمة وتحليل قواعد
البيانات. ويتعامل الذكاء الاصطناعي فقط مع البيانات الرقمية ولا يتعاطى مع الواقع
الفعلي من أحداث وحقائق. أما العمل الصحفي فإنه قائم على الكتابة الإبداعية
والابتكار في الكتابة؛ وهذا ما تفتقر إليه القصص والأخبار المنتجة إلكترونياً؛ حيث
تكون عبارة عن ملخصات سريعة للبيانات والأرقام.
وهذا يعني أن الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يحل محل الصحفي، وأن الصحفي او
العنصر البشري سيظل محورياً في العملية الصحفية. ولا بد أن يكون هناك تكامل وتعاون
بين الصحافة وتقنيات الذكاء الاصطناعي، وأن الصحافة بحاجة مستمرة الى تدريب
للعاملين ومواكبة التطورات من أجل محتوي إعلامي أكثر تطوراً.
ومن ناحية أخري، في ظل الذكاء الاصطناعي لم يعد المستخدم متلقي فقط، يقتصر
دوره على التفاعل وإبداء رأيه والتعبير عن موقفه، بل تعدي وظيفة التلقي وأصبح
يمتلك كافة الوسائل والمهارات التي تؤهله لإنتاج محتوي إعلامي ونشره، من خلال
الاستفادة من المحتوي المنشور على الانترنت والذي يمكنه تخزينها وإعادة كتابته ومن
ثم استخدمه بشكل جديد ونشره عبر مواقع التواصل الاجتماعي والانترنت. وأخيراً لا
يوجد تشريع وقوانين تنظم عمل صحافة الذكاء الاصطناعي.
تعليقات
إرسال تعليق