حصار غزة جريمة ضد الإنسانية


 

بقلم: عبير لُبّد

 

أكثر من مليوني فلسطيني يقطن في قطاع غزة الذي لا تتجاوز مساحته 1.33% من المساحة الكلية لفلسطين لا يمتلك الغالبية الساحقة منهم القدرة على الوصول إلى بقية أنحاء فلسطين والعالم الخارجي. منذ مطلع التسعينيات بدأت اسرائيل تفرض قيودًا على الحركة من وإلى قطاع غزة، وبحلول حزيران 2007 أحكمت اسرائيل سيطرتها على مخارج قطاع غزة وفرضت حصارًا جوياً، وبرًا، وبحرًا على القطاع، معتبرةً القطاع "كيانًا معاديًا".

وجاء ذلك بعد فوز حركة حماس بأغلبية الأصوات في الانتخابات التشريعية في مطلع 2006، مما سمح لقادة حماس تشكيل حكومة فلسطينية، التي قوبلت برفض اسرائيلي ودولي، يرجع لرفض حركة حماس بالاعتراف بالاتفاقيات الموقعة بين السلطة الفلسطينية واسرائيل من جهة، والاعتراف باسرائيل من جهة أخرى. وانعكس ذلك على الوضع الفلسطيني الداخلي ونشوب خلافات بين حركتي فتح وحماس، انتهت بسيطرة الأخيرة على قطاع غزة وتشيد الحصار على غزة، وفرض المزيد من القيود.

أدت القيود المفروضة من قبل اسرائيل إلى تقويض وركود اقتصاد غزة، مما تسبب في ارتفاع مستويات البطالة وانعدام الأمن الغذائي والاعتماد على المساعدات، وخلق أزمة الكهرباء والمياه، وتراجع نوعية الخدمات الصحية والتعليمية وخدمات الصرف الصحي. ويتفاقم الوضع في قطاع غزة مع كل جولة عسكرية تقوم بها اسرائيل ضد القطاع، مخلفةً العشرات من المصابين وأشخاص بإعاقات طويلة الأمد، عدا الدمار الهائل في المنازل المدينة والمؤسسات والشركات.

وفق لتقرير صادر عن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في مطلع العام المنصرم، فقد تضاعفت مؤشرات الأزمة الإنسانية في القطاع بفعل الحصار، إذ كانت تبلغ نسبة البطالة في عام 2005، قبل فرض الحصار، نحو 23.6%، في حين وصلت عند نهاية عام 2021 إلى 50.2%، لتكون من بين أعلى معدلات البطالة في العالم، كما شهدت معدلات الفقر ارتفاعًا حادًا بفعل إجراءات الإغلاق والحظر الإسرائيلية، إذ قفزت من 40% في عام 2005 إلى 69% في عام 2021، بالإضافة إلى معاناة نحو 53% من السكان من انعدام الأمن الغذائي.

وعلى رغم تواصل الأوضاع الإنسانية تدهورًا في قطاع غزة جراء استمرار الحصار المفروض من قبل اسرائيل، وما تبعه من تقييد لحرية حركة الافراد والبضائع من وإلى قطاع غزة، إلا أن الصمت يسود في أوساط المجتمع الدولي، مما يعكس عدم اكتراث لمعاناة أكثر من مليوني فلسطيني معاقبين جماعيًا في مساحة جغرافية محدودة ومعزولة أشبه بـ "سجن مفتوح".

 ويلاحظ أن تبعات الحصار على غزة مست بشكل مبالغ كافة القطاعات والنواحى وأهمها الاقتصادية والإنسانية، وسببت أضرار طويلة الأمد، مما تتطلب رفعًا شاملًا لكافة القيود المفروضة على جميع القطاعات في غزة للتعافى والعودة إلى الحياة الطبيعية المكفولة بالقوانين والمواثيق الدولية.

اليوم وبعد 17 عامًا من الحصار وولادة جيلاً محاصرًا أنهكته الآثار الوخيمة التي أحدثها الحصار الطويل الأمد على مختلف المستويات في قطاع غزة، لا سيما الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية، والتي تفاقمت أيضًا بفعل الهجمات العسكرية الاسرائيلية المتكررة على القطاع. يتطلع الفلسطينيون في قطاع غزة لانهاء جميع القيود التي حرمتهم من التمتع بحقوقهم الطبيعية أسوة بغيرهم خارج قطاع غزة.

 

تعليقات

المشاركات الشائعة